في كل مدينة، هناك وجوه لا تُرى لكنها حاضرة في كل زاوية. الجدران التي مرّ بها آلاف الناس، والنوافذ التي شهدت أفراحًا وأحزانًا، والأرصفة التي حفظت خطوات العابرين دون أن تنطق. المدن ليست حجارة ولا أبراجًا، بل ذاكرة من نبضات وأصوات وأحلام.

حين تسير ليلاً في شارع هادئ، تشعر أن المدينة تستمع إليك. تهمس في أذنك بصوت الريح، وتريك في انعكاسات الضوء على الزجاج قصصًا لم تُروَ بعد. كل عمود إنارة له ذاكرة، وكل ظلّ يخفي وراءه قصة منسية.

المدن مثل البشر، تتعب وتفرح وتختنق، لكنها لا تنام أبدًا. حتى في صمتها، هناك ضجيج خفيّ للحياة لا يتوقف. وربما أجمل ما فيها أنها تجمعنا رغم اختلافنا، تجعلنا جزءًا من حكاية أكبر منا جميعًا، حكاية اسمها: “الإنسان”.