في ركنٍ من البيت، تقف ساعةٌ خشبية عتيقة تواصل دقاتها بثبات، وكأنها تحرس الزمن منذ أجيال. لم تعد تُستخدم لمعرفة الوقت، بل أصبحت شاهدة على مرور السنين، وعلى وجوهٍ مرّت أمامها ثم اختفت. كل دقة من عقاربها ليست مجرد لحظة، بل نبضة من ذاكرةٍ لا تنام.
أحيانًا، ونحن نصغي لذلك الصوت المنتظم، نشعر أنه يُحادثنا بلغةٍ لا يفهمها إلا من عاش معه طويلاً. كأنه يقول لنا: “لا تتوقفوا كما لم أتوقف أنا، حتى وإن تغيّر كل شيء حولكم.” فالزمن لا ينتظر أحدًا، لكنه أيضًا لا ينسى أحدًا.
في دقات الساعة القديمة حنين لا يُفسَّر، وجمال لا يزول. إنها تذكير صامت بأن أعمارنا ليست إلا دقائق تتراقص بين عقربين، وأن أجمل ما يمكن فعله هو أن نعيش كل لحظةٍ كما لو كانت آخر دقةٍ في زمنٍ لن يتكرر.