في المساء، بعد أن تهدأ المدينة من ضجيج النهار، تبدأ الأرصفة بالغناء. لا أحد يسمعها سوى أولئك الذين يمشون وحدهم تحت المطر.
تنعكس الأضواء على قطرات الماء الصغيرة، فتصبح الشوارع كأنها أنهار من ذهبٍ وزجاج.
تمرّ الخطوات على البلل الخفيف، ويعلو صوتها مثل إيقاعٍ يعرفه القلب ولا يحفظه اللسان.

تُغني الأرصفة لأن المطر يوقظ ذاكرتها، فيعيد إليها وجوه المارة الذين مرّوا ذات مساءٍ ثم لم يعودوا.
تغني بصوتٍ خافتٍ، لكنه مليءٌ بالحنين، كأنها تحاول أن تُبقي المدينة يقظةً كي لا تنام على الوحدة.